- الإصلاحات الزراعية في الأردن
يلعب القطاع الخاص في الأردن الدور الأساسي في الإنتاج الزراعي وذلك انسجاما مع النظام الاقتصادي الأردني الذي يقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية. إلا أن الدولة تتدخل في بعض الأحيان في النشاط الاقتصادي وفي حالة الأزمات. فلقد عملت على رسم السياسات الإنتاجية للقطاع الزراعي فساعدت المزارعين على زيادة إنتاجهم فقدمت الدعم المالي والفني ونفذت مشاريع للري ووطنت البدو ودربتهم على الأعمال والأساليب الزراعية الحديثة. وأعطت هذه الجهود نتائج ملموسة في بعض المحاصيل، فيما لم يحرز بعضها الأخر تقدما على صعيد المردود أو على صعيد المساحات المزروعة. فإذا ما نظرنا إلى المردود الفعلي للحبوب مثلا فإننا نلاحظ تقلبات شديدة بين عام 1951 و1985 فكان يرتفع تارة ارتفاعا كبيرا وتارة ينخفض إلى أدنى المستويات وهذا ما يعكس عدم قدرة الدولة على تنمية هذا القطاع عن طريق سياساتها وتدخلاتها.
- الإصلاحات الزراعية في تونس
عمل الإصلاح الزراعي في تونس على تحقيق هدفين جوهريين: استخدام الوسائل الزراعية الحديثة وإصلاح بنية الملكية الزراعية. وقد مر الإصلاح الزراعي في تونس بثلاث مراحل:
إصلاحات 1956-1957 والتي تقضي بالتقسيم الجزئي للأراضي الجماعية وتوزيعها إلى حيازات صغيرة.
إصلاحات 1962-1964 والتي تهدف إلى دمج الملكيات الصغيرة في وحدات إنتاجية إيجارية تتراوح مساحتها ما بين 500 و1000 هكتار وذلك لدفع المزارعين لاستخدام الوسائل التقنية الحديثة.
إصلاحات ضمن الخطة الرباعية 1965-1968 وترى ضرورة تسيير الدولة لمجموع القطاع الزراعي بما في ذلك الملكيات الكبيرة التي هي في حوزة القطاع الخاص. قانون 1969 القاضي بإعادة أراضي كبار الملاكين إلى أصحابها.
وعلى العموم فإن نتائج السياسات الزراعية التي تم اتخاذها مخيبة للآمال لأسباب عديدة منها:
عدم كفاية الاستثمارات العامة والنقص في الجهاز التقني.
فيض اليد العاملة وحدوث بطالة مقنعة.
انخفاض إنتاجية الملكيات الزراعية.
- الإصلاحات الزراعية في المغرب
تميز الإصلاح الزراعي في المغرب بتركيزه على استخدام التقنيات وتحديث الزراعة أكثر من اهتمامه بالبني الزراعية. وقد عرف المغرب إصلاحات زراعية عديدة منها:
إصلاحات 1957 ويهدف هذا الإصلاح إلى تجميع القطع الزراعية الصغيرة في وحدات زراعية واسعة من أجل استخدام المعدات الحديثة كالجرارات.
إصلاحات 1960 التي تمت إدارتها من طرف المكتب القومي للري الذي عمل على إصلاح 120 ألف هكتار.
إصلاح 1964 الذي يهدف إلى إصلاح الأراضي المسترجعة من الأوروبيين والمغاربة المتعاملين معهم.
الخطة الثلاثية 1965-1967: مكنت هذه الخطة من توزيع 18000 هكتار من الأراضي المروية و150000 هكتار من الأراضي غير المروية.
و يعتبر الدارسون للقطاع الزراعي في المغرب أن المعدل لمعظم المحاصيل الزراعية ارتفع في الستينات مقارنة بالخمسينات وقد تراجع قسم كبير من المحاصيل في السبعينات مقارنة بالستينات مع محافظته في الغالب على مستوى أعلى من الذي كان في الخمسينات. فعلى سبيل المثال ارتفع مردود مجموع الحبوب 2.65 % في الخمسينات وارتفع إلى 18.59 % في الستينات وتراجع إلى 7.33% في السبعينات ثم ارتفع إلى 17.02 % في النصف الأول من الثمانينات.
ثانيا - تحليل أسباب فشل السياسات الزراعية في تحقيق الأمن الغذائي العربي
إن محاولات الإصلاح الزراعي التي قامت بها البلدان العربية ومختلف السياسات الزراعية لم تحقق النتائج المرغوبة للنهوض بالتنمية الزراعية العربية وتقليص الفجوة الغذائية ويرجع ذلك إلى جملة من الأسباب نتناولها فيما يلي4:
- ضعف الكفاءة الاقتصادية في تطبيق السياسات الزراعية:
إن المؤشرات الاقتصادية تبين أن الإصلاحات الزراعية سواء ذات الطابع الاشتراكي أو الليبرالي لم تحقق تقدما يذكر في زيادة المساحات المزروعة فلم تزد إلا بمعدل لم يتجاوز 0.2 % سنويا. أما على مستوى الطلب على الغذاء فقد بلغ في السبعينات 4.6 % مقابل نمو الإنتاج ب 1.8 % أما في النصف الثاني من السبعينات وأوائل الثمانينات فقد بلغ الطلب 6 % مقابل 2.5 % للإنتاج5.
ويرجع ذلك إلى العوامل التالية:
سوء إدارة القطاع الزراعي
يعتبر التخلف في نوعية إدارة القطاع الزراعي عائقا أساسيا يحد من الكفاءة الاقتصادية لهذا القطاع وحائلا أيضا دون الاستفادة من المزايا التكنولوجية الزراعية المستوردة. فبدون وجود أساس تنظيمي سليم يحكم مشروعات التنمية الزراعية من كل نواحيها وبصفة خاصة أساليب إدارتها ومستوى كفاءتها الإدارية تصبح المشروعات عاجزة عن استيعاب أهداف كل السياسات الزراعية، سواء كانت هذه السياسات متعلقة بالبحث والإرشاد الزراعي أو جوانب أخرى من جوانب السياسات الزراعية. ولهذا فإن الكفاءة الاقتصادية للمشاريع الزراعية تتوقف على إدارتها. وحسن الأداء الإداري يتوقف على أهلية الإنسان فيما يتعلق بمعرفة العمل وبقدرته على القيام به ورغبته في إتمامه وإنجازه. فعلى سبيل المثال عانت البلدان العربية التي طبقت إصلاحات زراعية ذات صبغة اشتراكية من مشاكل إدارية في مزارع الدولة والجمعيات التعاونية نتيجة للبيروقراطية والروتين الإداري. كما أنه في بعض هذه الدول، العراق على سبيل المثال، لم يسبق الإصلاح الزراعي دراسات اجتماعية واقتصادية لذلك أنعس الارتجال على الإنتاجية الزراعية.
إعطاء الأولوية للأهداف السياسية
يؤدي الاهتمام بالأهداف السياسية على حساب الأهداف الاقتصادية إلى تراجع الكفاءة الاقتصادية للمشاريع الزراعية. فإذا ما نظرنا مثلا للجمعيات التعاونية في سوريا فإننا ندرك أنها عرفت انطلاقا سريعا إلا أن المزارعين ابتعدوا عنها لأنها أصبحت وسيلة ضغط من قبل الدولة لتحريك الجماهير الريفية لصالح النظام مما أثر سلبا على الحركة التعاونية. وبذلك أصبحت الاعتبارات السياسية مقدَمة على المردود الاقتصادي.
عدم كفاية الاختصاصيين
لوحظ نقص في المختصين عند القيام بالإصلاحات الزراعية في أكثر من دولة عربية. ففي مجال المكننة الزراعية واجهت العديد من التعاونيات مشاكل متعلقة بندرة الموظفين الأكفاء والمختصين مما عاق عمليات الصيانة وتصليح الآلات الزراعية. ومن المعروف أن غياب عامل من عوامل الإنتاج سينعكس سلبا على الكفاءة والمردودة الاقتصادية.
2- فشل سياسات البحث والإرشاد الزراعي في تحقيق أهدافها
يهدف الإرشاد الزراعي إلى تدريب المزارعين وإقناعهم بتبني النماذج والتقنيات الزراعية الحديثة من أجل تخفيض الكلفة وتحسين الإنتاجية النوعية. كما يناط بها التعرف على المشاكل التي تواجه المنتجين الزراعيين وتشخيصها ونقلها إلى مراكز البحوث لدراستها وتحديد الأساليب الملائمة للتعامل معها. ويعتبر دعم البحث الزراعي وتحسينه كماً ونوعاً وتوظيفا يشكل ضرورة إستراتيجية، ليس فقط للتخلص من العجز الغذائي العربي القائم والمتفاقم، وإنما أيضا لتطوير زراعتنا اعتمادا على النفس بصورة أساسية. وقد بُذلت جهود لا يستهان بها في هذا المضمار وأُسست معاهد ومخابر مختصة في البحث الزراعي، إلا أنها لم تصل إلى تحقيق أهدافها المرجوة وذلك نتيجة لعوامل عدة نذكر منها:
ضعف التنسيق بين مؤسسات الإرشاد الزراعي وهيئات البحث الزراعي.
ضعف الاستثمار في البحوث الزراعية العربية وتدني إنتاجية النشاط البحثي، إذ تشير بعض الدراسات إلى أن حجم الاستثمارات في ميدان البحوث الزراعية في بلدان العالم النامي تصل إلى 0.5 % من الناتج المحلي الزراعي.
عدم دراسة مواضيع البحث الزراعي واختيارها على أسس علمية وكذلك عدم توظيف نتائجها.
عدم استقرار السياسات الزراعية، كان عاملا أساسيا في عدم استقرار الإرشاد الزراعي.
3- ضآلة الاستثمارات في مجال اقطاع الزراعي
فحصة القطاع الزراعي العربي من إجمالي الاستثمارات ضئيلة وكذلك عجز مؤسسات الإقراض الزراعي عن القيام بواجباتها. فالزراعة الحديثة، ولكي تحقق إنتاجية عالية فإنها تحتاج إلى استثمارات رأسمالية ومعرفية كثيفة حتى وإن اعتمدت في بعض الظروف على كثافة العمالة. إلا أن تمويل القطاع الزراعي ظل يعاني من جملة من المعوقات نذكر منها: سوء إدارة مؤسسات الإقراض الزراعي والنقص في اعتمادات المصارف المختصة بإقراض الزراعي وارتفاع فوائد المصارف التجارية وغياب خطة شاملة للسياسات الإقراضية المؤسسية وعدم موضوعية معايير توزيع القروض على المزارعين إضافة إلى عدم وفاء المزراعين بتسديد القروض الممنوحة.
4- غياب العقلانية في استصلاح الأراضي
تهدف سياسات استصلاح الأراضي إلى تهيئة الأرض وذلك باستخدام الآلات الضرورية لشق وتمهيد الطرق الزراعية وبناء السدود وحفر الآبار الارتوازية وتخليص التربة من الملوحة وغير ذلك من الإجراءات الضرورية لتتم الزراعة في أحسن الظروف. ورغم الجهود التي بُذلت فإن عمليات الاستصلاح لم تعط النتائج المرجوة منها مما أثر سلبا على الإنتاج الزراعي وذلك نتيجة العوامل التالية:
غياب تحديد أهداف استصلاح الأراضي في كثير من الأحيان.
عدم تكامل مراحل الاستصلاح.
سوء اختيار بعض مناطق الاستصلاح.
عدم الالتزام بالشروط الفنية للزراعة في المشاريع المستصلحة.
5- ندرة الموارد المائية المتجددة في المنطقة العربية
تشكل الموارد المائية أحد العوامل الحاسمة في تنمية وتطوير القطاع الزراعي وفي تحقيق الأمن الغذائي. إلا أنها تعتبر موردا نادرا مما يتطلب سياسات وإستراتيجيات لإدارة هذه الندرة. فالموارد المائية في المنطقة العربية تتصف:
ندرتها من الناحيتين المطلقة( متوسط نصيب وحدة المساحة أو نصيب الفرد من المياه) والنسبية ( مقارنة مع باقي مناطق العالم).
عدم ملاءمة توزيعها الجغرافي وصعوبة السيطرة على استغلالها الاستغلال الأمثل.
استمرار تفاقم هذه الندرة وتزايد حدتها تحت تأثير عوامل عدة: تصاعد الضغط السكاني واستفحال التلوث وتزايد حاجات التنمية.
أمام هذه التحديات التي تفرضها ندرة المياه فقد قامت البلدان العربية برسم سياسات للري خصوصا البلدان النفطية منها لتوافر الموارد المالية الكافية. فعملت على استيراد التقانة الحديثة للمياه واستخدمت تقنيات متطورة لتوفير المياه كتحلية المياه المالحة واستخراج المياه الجوفية. ورغم كل هذه الجهود مازالت هذه السياسات الزراعية تعاني من معوقات مثل ملوحة المياه وكلفة تطوير قسم كبير من مصادرها، إضافة إلى ضعف فعالية الأجهزة المنوط بها تنفيذ السياسة المائية. هذه العوامل مجتمعة أثرت على الإنتاج الزراعي.
6- ضعف الإنتاج الحيواني
بذلت البلدان العربية جهودا حثيثة لتطوير الثروة الحيوانية واعتمدت أسلوبين لتطويرها:
زيادة عدد الحيوانات (توسع أفقي).
زيادة إنتاجية الحيوان من اللحوم واللبن والصوف والبيض (توسع رأسي).
وقد أدى الأسلوب الأول إلى زيادة كمية ما بين الخمسينات والتسعينات تقدر ب 70 % , إلا أن سياسات الإنتاج الحيواني عرفت مجموعة من المعوقات حالت دون وصولها للأهداف المرجوة نذكر منها:
عدم خصوبة المساحات التي تشغلها المراعي.
تعرضها للجفاف.
جزئية سياسات الإنتاج الحيواني إذ تتطلب خطة متكاملة لتنمية الثروة الحيوانية.
وينضاف إلى هذه المعوقات أيضا عدم استخدام الأساليب العلمية في تربية الحيوانات في المجتمعات الرعوية وغياب نظام متجدد للتحسين الوراثي.
7- عدم ملاءمة السياسات السعرية العربية
تهدف السياسات السعرية في البلدان العربية إلى تخفيض أسعار الأغذية الاستهلاكية وتثبيتها مع تفضيل مصلحة سكان المدن وزيادة الصادرات الغذائية وتقليل الواردات والحصول على إيرادات حكومية...
إلا أن هذه السياسات السعرية تتسم بأنها لا تشمل كل الأسعار الزراعية، وإنما تستهدف فقط أسعار بعض المنتجات. وقد وُجهت إلى السياسات السعرية العربية مجموعة من الانتقادات:
وجود سياسات جزئية لا تشمل كل الأسعار الزراعية وتناول سعر المحصول الواحد دون ربطه بالأسعار الأخرى.
تحيز السياسات الزراعية لصالح المستهلك على حساب المزراعين.
وجود فوارق كبيرة بين الأسعار الفعلية والأسعار المحددة من طرف الدولة.
عدم اعتبار التكلفة أساسا لتحديد أسعار السلع الزراعية.
هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى ضعف مردود القطاع الزراعي وعدم قدرته على تأمين الغذاء.
8 - إهمال البلدان العربية للصناعات الزراعية الغذائية
تعتبر الصناعة الغذائية نتيجة حتمية لضرورة حفظ المواد السريعة التلف والضرورية لحياة الإنسان. وقد رسمت بعض البلدان العربية كالجزائر ومصر وسوريا سياسات للصناعات الزراعية الغذائية تتضمن قطاعات الحبوب والزيوت النباتية والألبان والسكر والحلويات والمعلبات الغذائية واللحوم والمشروبات الغازية والمياه المعدنية والتمور. وعملت الحكومات العربية على دعم هذه الصناعات الغذائية وتقديم القروض والتسهيلات المصرفية ورغم ذلك فإن هذه الصناعات لم تحقق النجاح المطلوب وذلك للأسباب التالية:
نقص الكوادر المتخصصة في الصناعات الغذائية.
ضعف الطاقة الاستيعابية لمعامل الصناعات الغذائية الزراعية خصوصا في بعض المواسم.
تلف المواد الغذائية في المخازن غير المجهزة.
9 - فشل مؤسسات التسويق الزراعي في تحقيق أهدافها
التسويق بمعناه الضيق يعني انتقال السلعة من المنتج إلى المستهلك لقاء مردود معين. تمر السلعة بجملة من الحلقات ويلعب التسويق الزراعي دورا كبيرا في دينامية القطاع الزراعي وتشجيع المزارعين وحثهم على تحسين إنتاجهم. وقد تدخلت بعض البلدان العربية في مجال تسويق السلع الزراعية بل إن تدخل الجهاز الحكومي تعاظم من خلال إنشاء الشركات والهيئات الحكومية لتسويق المحاصيل الزراعية. إلا أن قطاع التسويق عرف مجموعة من المشاكل التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
ضعف البنى التحتية لوسائل النقل والتخزين والتصنيع.
عدم العناية بمعايير ومواصفات الجودة.
ضعف القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية العربية.
نقص المختصين في التسويق الزراعي.
غياب الاهتمام الكافي بالتسويق الزراعي في الخطط التنموية الزراعية.
خاتمة
.